نعم اليوم يوافق يوم ميلادي..فاليوم أتم عامي الثاني والعشرون..بالتأكيد سيمر كأي يوم عادي فهو يوم لا يهم أحداً سواي...
يوم ميلادي يوافق التاسع من شهر سبتمبر حسب الأوراق الرسمية التي تخصني, ويوافق الخامس من نفس الشهر حقيقةً...
لم أعد أشعر بسعادة بهذا اليوم مثلما كنت أفعل دوماً حين كنت أصر على الاحتفال به وسط ضجيج الأصدقاء والموسيقى الصاخبة والحلويات التي تجيد أمي صنعها..أتذكر كيف كنت أستيقظ في هذا اليوم - الذي كان يحل في أيام الأجازة الصيفية غالباً وقبل حلول الدراسة بأيام وربما أسبوع وبضعة أيام – مليئة بالسعادة والنشاط لأعيد ترتيب المنزل وتنظيفه - على غير عادتي - استعدادا لاستقبال صديقاتي وضيوفي, وأجهز المكونات حتى تعود أمي من عملها لتتفرغ لصنع الحلويات من يديها فكان ما يميز حفلي الخاص هو ما تصنعه أمي – حماها الله وحفظها لنا - بيديها الجميلتين الماهرتين في كل شيء, كانت تصنع لي أكثر مما اطلبه, كيف أحسن التزين لأكون في كامل أناقتي هذا اليوم...
كان موعد الاحتفال بيوم ميلادي مقدساً كل عام على عكس أخي وأختي فنادرا ما نحتفل بأعياد ميلاد أحدهما لظروف مختلفة لا أتذكرها تحديداً...
"اليوم يوم...ميلادي"
أذكر أول عام قررت فيه عدم الاحتفال بيوم ميلادي..كان أول عام لي بالجامعة ولأن نتيجتي كانت مخيبة لآمال الجميع قررت أن أعاقب نفسي بألا أحتفل بيومي المقدس...
"اليوم...يوم ميلادي"
أتذكر يوم احتفلت مرتان بيوم ميلادي في نفس العام..إحداها كانت وسط مجموعة من الشباب من مختلف المحافظات..حين كنا نقضي أسبوعا في ورشة عمل للشعر والأدب تابعة لوزارة الشباب والرياضة – سابقاً -بمركز شباب المنيل..كان من أفضل الأيام التي مرت علي, والأخرى حين احتفلت به وسط أصدقائي ومجموعة العمل بقسم الشباب بالجريدة التي مارست الكتابة بها لفترة وكان أيضاً من أسعد أياميفكنت أول من احتفلوا بها في الجريدة وكررنا الاحتفال في العام التالي بنفس الجريدة وكان آخر احتفالاتي بيوم ميلادي...
"اليوم...يوم ميلادي"
مر يوم ميلادي في العام السابق مرور الكرام..فلم يتذكره أحد سواي وربما شخصان أو ثلاثة ممن تذكرهم به ذاكرة هواتفهم...
"اليوم...يوم ميلادي"
يسعدني أن يوم ميلادي هذا العام يوافق – لأول مرة – يوماً من أيامالشهر الكريم لكنها ليست سعادة باليوم ذاته أو بالحدث الذي لم ولن يذكره أحد سواي...
"اليوم...يوم ميلادي"
واليوم..أفتقد الكثير..أفتقد الإحساس بالأمان وأشعر بالحنين الشديد لأبي العزيز – رحمه الله - , أفتقد لمسة حنان من أمي - حفظها الله - التي تنشغل بأمورنا الخاصة والعامة حتى أنها تكاد تنسى أحاسيسنا ومشاعرنا, أفتقد أخي الذي يبعد عنا مسافات, أفتقد أختي التي تضيق بي لاختلاف طباعها وأسلوب حياتها الصاخبة عن حياتي الهادئة, أفتقد الأصدقاء الحقيقيين, أفتقد شخصا قد يحمل عني همومي وأحزاني, أفتقد رنا التي كنت أعرفها من قبل...
"اليوم...يوم ميلادي"
واليوم أتمنى النجاح والفلاح..أتمنى أن أرضي ربي وأمي,..أتمنى أن يرتاح أبي في منامته..أتمنى أن أتغير للأفضل, أتمنى لو أشعر بالسعادة الحقيقية لا الزيف الذي نعيشه ونكتشفه دوماً..ولتتحقق أمنيتي بالشعور بالسعادة ..علي أن أرضي الله وأمي وأتصالح مع نفسي ومن حولي...